ينادى الظالم في موقفه اليائس الحزين: ويْلَتهُ - أي -: هلاكه، تعبيرا عن حزنه وحسرته، وهي كلمة تقال عند وقوع الداهية العظيمة، والخطب الجسيم، فكأَنه يقول: احضرى يا هلكتى فهذا أَوانك، ثم يقول: ﴿لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا﴾: ليُبْرز بهذا التمنى ندمه، مع نوع من التعلل والاعتذار بإلصاق جنايته على نفسه بغيره، الذي عَبّر عنه بفلان مريدًا به الشيطان، أَو كل من أَضله في الدنيا، أي: ليتنى لم أَتَّخذ في الدنيا كائنا من كان صديقًا أَتَّبعه وأَثق به، وأَسلك سبيله، سبيل الكفر والطغيان التي قادتنى إلى مهاوى الهلاك والخسران.
تعليل لتمنيه السابق، وتوضيح لتعلله، وتصديره بلام القسم، للمبالغة في بيان خطئه، وإظهار حسرته وندمه، لأَنه استمع إِليه في إضلاله عن الحق الذي جاءَه به رسوله.
أَي: والله لقد أَضلنى من اتخذته في الدنيا خليلا؛ عن القرآن والإيمان به، بعد إذ جاءني به الرسول ﷺ.
﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾: أَي أَنه مبالغ خذلان الإِنسان، حيث يُواليه حتى يؤَدي به إلى الهلاك، بما يزيِّن له من سوءٍ وقبح، ثم يترك نصرته ومعاونته ودفع الضرر عنه وقت الحاجة إليه.، وقد كان هذا الإِنسان يظن فيه الظهير والنصير.
وجملة ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾ مقررة لمضمون ما قبلها، إِما من جهته تعالى، وتمام الكلام على هذا عند قوله: ﴿بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾ وإما من تمام كلام الظالم، على أنه