وخطاب النبي هود ﵇ لقومه بهذا الأُسلوب الذي بلغ الغاية في التحدى والتحقير لهم ولآلهتهم، والإساءَة لكبريائهم وجبروتهم وحميتهم وعصبيتهم، مع ما عرف عنهم من سفك الدماءِ، والعُنجهية والكبرياءِ، وعجزهم عن تحقيق شئٍ مما تحداهم به مع كونه وحيدًا لا يؤيده سوى قليل من المؤمنين لا حول لهم ولا قوة، هذا كله فيه برهان واضح على ثقته ﷺ بتأْييد ربه وعنايته به ونصره له، وعصمته من المكاره، كما أَنه برهان على أنه مرسل من الله، حيث أَعجزهم عن الإضرار به والقضاء على دينه، فكأَن المولى يقول لعاد صدق هود فيما يبلغه عنى، وقد عقَّب هذا التحدى الدال على ثقته بربه، ببيان مصدر ثقته فقال:
أي ما من دابة من حيوانات الأرض وأَناسيِّها إلا الله مالك لها قادر عليها، يصرفها كيف يشاء غير مستعصية عليه، إن ربي على سبيل من الحق والعدل مستقيم، فلا يضيع من اعتصم به ولا يفوته ظالم لنفسه أو لعباده.