بها البشر، واعلم أَن كل نبي أُوتى معجزة لم يؤْتها غيره، وهى التي تحدى بها قومه وهذا لا ينافى حصول خوارق أُخرى على يديه. وبعد أن نفوا مجئ هود ﵇ ببينة قالوا:
أَي ما نقول في شأْن ما أَنت عليه وجئتنا به إلا أَنك أَصابك بعض آلهتنا بشر ساءَك فأَفقدك عقلك، وجعلك تهذى وتتكلم بالخرافات عن آلهتنا، وتدعو إلى إله واحد وتخوفنا بعقابه في الآخرة، إلى غير ذلك مما تقول، ولقد سلك هؤلاء في عنادهم سبيل التدرج والتسلسل، فنفوا مجيئه ببينة ثم نفوا تركهم لآلهتهم لمجرد قوله لهم (اتركوها) دون أَن يقنعهم بحجه تقتضى تركهم لها، ثم نفوا تصديقهم له، لأَنه لا حجة لديه تثبت نبوته، ثم بعد هذا الهذيان كله قالوا فيه ما قالوه من السباب ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.
أي أشهد الله على براءَتى مما تجعلونه من غير الله شريكا له سبحانه، واشهدوا أَنتم على براءَتى من ذلك، فليس لكم على ما تزعمون برهان، وما أُنزل به سلطان.
﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ﴾:
أَي فدبروا لى المكايد والمحن أَنتم وشركاؤكم جميعًا، بعد ما نلتُ منها وَجَرَّدتُها من وصف الأُلوهية ومقتضياتها، وعاقبونى على امتهانى لها، ولا تمهلونى ولا تتراخوا في عقوبتى إن صح ما زعمتوه من أُلوهيتها.