للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٢١٦ - ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ … ﴾ الآية.

بين الله قبل هذه الآية، أن الجنة لا يدخلها المؤمن، حتى يقاسي البأَساء والضراءَ في سبيل دينه، كمثل الذين من قبلهم، وذكر لهم مصارف المال، ومواضع النفقات.

وجاءَت هذه الآية لتبين لهم وجوب الجهاد، دفاعًا عن الإسلام، وهو المظنة الأُولى للبأساءِ والضراءِ، التي لابد من امتحان المؤْمنين بها.

وقد بين الله في هذه الآية الكريمة: أنه فرض على المسلمين الجهاد، وأنه مكروه لهم، وتلك الكراهية أَمْرٌ جِبِلِّيُّ، لما فيه من القتل والأسر، وإتعاب البدن، وتلف المال، وقتل ما عسى أن يكون من الأقارب على الكفر - وهم يحبون أن يهديهم الله إلى الإسلام. وهذا لا ينافي رضاهم بما كلفهم الله به حبًا في مرضاة الله وطمعًا في ثوابه، كالمريض يرضى بشرب الدواء الكريه الطعم، حبًّا في الشفاء.

والجهاد أصلًا: فرض كفاية يقوم به المجندون من شباب المسلمين، نائبين عن بقية المسلمين.

فإذا دخل العدو بلاد الإسلام غازيًا، فقد انعقد الإجماع على أن الجهاد فرض عين، على جميع المسلمين سواءٌ أكان القتال أم بالحض عليه، أم بتجهيز المقاتلين، أَم تثبيتهم، أَم برعاية أسرهم، أم علاجهم: أم تأليب الرأي العام على المعتدين.

ويكون ذلك حسب طاقة المجاهد.

قال تعالى: ﴿انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ (١).

وقال : "من مات ولم يَغْزُ ولم يُحَدِّثْ نفسهُ بالغزو، مات على شُعْبَةٍ من النِّفاق" (٢).


(١) التوبة:٤١.
(٢) رواه مسلم.