وتسمى سورة الغرف لقوله تعالى: ﴿لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ﴾ وهي مكية كلها، أخبرني ابن الضريس، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل: عن ابن عباس: أنها نزلت بمكة ولم يستثن.
ووجه اتصال أولها بآخر (ص) أنه - تعالى - قال في آخر (ص) ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ وقال هنا: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ﴾ قال الآلوسي: وفي ذلك كمال الالتئام بحيث لو أسقطت البسملة لم يتنافر الكلام، ثم إنه ذكر آخر (ص) قصة خلق آدم وذكر في صدر هذه قصة خلق زوجه منه، وخلق الناس كلهم منه، وذكر خلقهم في بطون أُمهاتهم خلقًا من بعد خلق، ثم ذكر أنهم ميتون، ثم ذكر - سبحانه - القيامة والحساب، والجنة والنار، وختم بقوله - سبحانه - ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فذكر - جل شأنه - أحوال الخلق من المبدأ إلى آخر المعاد، متصلًا بخلق آدم المذكور في السورة قبلها، وبين السورتين أوجه أخرى من الربط تظهر بالتأمل: انتهى كلام الآلوسي.
[مقاصد السورة]
بين الله - تعالى - في هذه السورة أنه هو الذي أنزل الكتاب بالحق وطلب إلى عباده أن يخلصوا له العبادة ولا يشركوا به أحدًا، وبين أنه لو أراد أن يتخذ ولدًا لاصطفى مما يخلق ما يشاء - سبحانه - هو الله الواحد القهار، وأتبع ذلك ببيان خلقه للسموات والأرض .. وما فيهما من الآيات الشاهدة بوحدانيته، وأنه خلق عباده كلهم من نفس واحدة، وبين أنه لا يرضى لعباده الكفر، ولكنه يرضى منهم الشكر، وفرق بين العلماء وغيرهم فقال: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ ثم خوف المشركين من سوء المصير بقوله: ﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ وبشر الذين اجتنبوا عبادة الطاغوت وكانوا يستمعون