بعد أن تبينت حجج القرآن لقريش وظهر عجزهم عن محاكاته، وهم أهل اللغة والفصاحة، اجتمع رؤساؤهم وذوو الشرف فيهم، دعوا النبي ﷺ إلى الاجتماع بهم فقالوا له: إِن كنت تريد مالا جمعنا لك حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد الشرف فنحن نسودك علينا، وإِن كنت تريد ملكا ملكناك علينا وإن كان الذي يأتيك رَئِيًّا (أَي تابعا من الجن) بذلنا أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أَو نُعْذَر فيك، فلم يجبهم إلى ما طلبوه، وانصرف إلى أَهله حزينا آسفا لما فاته مما كان يطمع فيه من إيمانهم، ولما رأَى من مباعدتهم إياه، كان ذلك سببا في نزول الآيات التي تحكى تعنتهم بما اقترحوه من الأمور الستة التي طلبوها منه، متعللين بما لا يمكن وقوعه عادة وما يستبعد عقلا.
وما قصدوا بما اقترحوا إلا العناد واللجاج، إلا فقد كانت تكفيهم معجزة القرآن التي تخر لها صُمّ الجبال.
والمعني: أَنهم قالوا لن نصدق بما جئت به حتى تشق لك بأرض مكة عينا لا ينقطع ماؤُها الكثير عن الجريان والاندفاع.