تضمنت هذه السورة عجيب الكفار من مجئ منذر منهم، وأنكروا البعث قائلين:(ذلك رجعٌ بعيد) مع أن الله - تعالى - خلقهم أول مرة؛ وعابت عليهم أنهم لم ينظروا إلى آيات قدرته في خلق السموات والأرض وما فيهما وما بينهما ﴿تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾ وبينت أنهم يبصرون إحياء الله للأموات من آن لآخر في الزروع والأشجار (كذلك الخروج) أي: كذلك البعث، ثم حكت تكذيب قوم نوح وأصحاب الرَّسِّ وثمود وعاد وقوم لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع - حكت تكذيبهم - لأنبيائهم، فنزل بهم وعبد الله باستئصالهم، وبينت أنه - تعالى - خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه، وأنه أقرب إليه من حبل الوريد، وأن عليه رقباء من الملائكة ثابتين، وحكت أهوال الموت والقيامة، وغفلة الإنسان عن ذلك كله، وأن التابعين والمتبوعين في الكفر يختصمون لديه - تعالى - فيلقى التابعون مسئولية كفرهم على المتبوعين، والمتبُوعُون يتبرأون منهم، فيقول لهم الله - تعالى -: ﴿لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ وحكت فوز المتقين بنعيم الجنة خالدين فيها أبدا (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) ثم حَثت النبي ﷺ على الصبر والتسبيح ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ ثم أبانت أنه - تعالى - يحيى ويميت وإليه المصير، ثم نفت عنه ﷺ مسئولية كفرهم، وأوجبت عليه مداومة التذكير ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ﴾.