للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المفردات]

﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾: فَعِتْقُ رقبة.

﴿يَصَّدَّقُوا﴾: يتصدقوا بالدية؛ بالتنازل عنها.

﴿مِيثَاقٌ﴾: عهد.

﴿خَالِدًا فِيهَا﴾: ماكثًا فيها زمنا طويلًا.

[التفسير]

٩٢ - ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً … ﴾ الآية.

بعد أَن بينت الآيات السابقة أُسس المعاملة بين المسلمين وغيرهم، وقد اتضح منها أن القتال شرع في الإِسلام لدفع الظلم، ورد العدوان في مختلف صوره، وتعميم الخير الذي جاء به الإِسلام لإسعاد بني البشر جميعًا، وأَن الأصل هو احترام دم الإنسان، - بعد هذا البيان - جاءَت هاتان الآيتان تقرران حكم وقوع القتل بين المؤمنين: بعضهم مع بعض.

روى عروة بن الزبير: أَن حذيفة بن اليمان، كان مع رسول الله يوم أُحد فأخطأ المسلمون، وظنوا أن أباه "اليمان" واحدٌ من الكفار، فأخذوه وضربوه بأسيافهم، وحذيفة يقول: إنه أبي … فلم يفهموا قوله إِلا بعد أَن قتلوه. فقال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين .. فلما سمع الرسول ذلك، ازداد وقع حذيفة عنده. فنزل قوله تعالى:

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ (١):

أي: وما صح وما استقام لمؤمن صادق الإِيمان فيما أتاه. من ربه في شريعة الإسلام، أن يقتل إِنسانا مؤمنا بغير حق، إلا خطأً.

لأن إيمان المؤمن زَاجِرٌ له عن ذلك، وربما وقع لأَنه احتراز عن الخطإِ، مما لا يكاد يدخل تحت الطاقة البشرية، فيكون الواجبُ ما بُيِّنَ في قوله تعالى:

﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾:

أي: ومن وقع منه القتل الخطأ، فالواجب عليه في هذه الحالة، أَن يعتق نفسًا مومنةً، وأَن يؤَدي إلى ورثة القتيلِ ديةً: يقتسمونها كما يقتسمون الميراث.


(١) رواه البخاري.