للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المفردات]

﴿مَسَّنِيَ﴾: أَصابنى. ﴿الضُّرُّ﴾: سوءُ الحال بسبب المرض.

[التفسير]

٨٣ - ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾:

واذكر فيمن تذكره من الأَنبياء والصالحين أَيوب وما أَصابه من البلاءِ وما قابله به من الصبر والضراعة والدعاءِ، واثقا أَنَّ كل شِدَّةٍ إِلى انتهاءٍ وأَن البلاءَ لم ينج منه أَحد حتى الأنبياءُ، قال تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ (١).

وقال : "أَشد الناس بلاءً الأنبياءُ ثم الأَمثل فالأَمثل؛ يبتلى الرجل على حسب دينه، فإِن كان في دينه صُلْبًا اشتد بلاؤه، وإِن كان في دينه رقة ابتلى على قدر دينه، فما يبرح البلاءُ بالعبد حتى يَتْرُكَهُ يمشى وما عليه خطيئة". رواه الشيخان والنسائى وابن ماجه.

ويذكر الرواة: أَن أَيوب كان واسع الثراءِ، ذا مالٍ وافر وأَولاد، فأَصابه البلاءُ في ماله، وفي ولده، ثم في صحته، واشتد به البلاءُ وحلَّ به الإِعياءُ، فشكا إلى ربه متضرعا قائلا: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.

ويقول الرازى في المسأَلة الرابعة - تعليقًا على هذه الآية -: إِن أَيوب أَلطف في السؤال، حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة، وذكر ربه بغاية الرحمة، ولم يصرح بالمطلوب، وعقب الرازى ذلك بقوله: فإِن قيل: إِن الشكوى تقدح في كونه صابرًا، فالجواب ما قاله سفيان بن عيينة حيث قال: من شكا إِلى الله تعالى فإِنه لا يعد منه ذلك جَزَعا، إِذا كان في شكواه راضيًا بقضاءِ الله، إذ ليس من شرط الصبر استحلاءُ البلاءِ، أَلَمْ تسمع قول يعقوب: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ انتهى بتصرف يسير.

وقد ورد في بلاء أَيوب وفي مدته روايات واهنة لا يقبل العقل تصديقها؛ حيث إِنها تصف مرضه بأَنه نفَّر عنه الناس وأَبعدهم منه، وأَنه مكث به عدة سنين، وأَن


(١) سورة الأنبياء، من الآية: ٣٥