زوجته كانت تقوم بالخدمة في البيوت لتحصل على رزقه، وكل ذلك باطل من جهة الرواية، ومنْ جهة ما يجب للأَنبياءِ، من الصفات الكريمة التي تجمع الناس حولهم، ولا تبعدهم عنهم، ليستطيعوا أَداءَ رسالة مولاهم؛ وكل ما جاءَ في الآية أَنه تعالى امتحنه بضر، فشكا إِلى ربه راجيا رحمته تعالى لأَنه أَرحم الراحمين، ولابد أَن يكون هذا الضر مما يصاب بنحوه الأَنبياءُ، ولا يبعد عنهم الأَوفياءَ والأولياءَ ولا يمنعهم من أَداءِ رسالتهم.
ويقول النسابون: إِنه ابن أَنوص، وكان من ولد عيصو بن إِسحاق، وأُمه من ولد لوط، وزوجته بنت ميشا بن يوسف، أَو رحمة بنت إِفرايم بن يوسف ﵇، والله أَعلم بصحة هذا النسب: انظر الرازى والبيضاوى في النسب المذكور.
وكما أزلنا ما به من الضر، عوضناه من أَولاده الذين ماتوا أولادًا بعددهم ومثلهم معهم، تفضلا منا وعطفًا عليه جزاءَ صبره ورضاه بما قضيناه عليه، ولتكون قصَّته عبرة وذكرى لكل من يعبد الله ويرضى بقضائه ويصبر على بلائه ويشكره على نعمائه.
وليعلم الناس أَن البلاءَ ليس عقابًا على ذنب ارتكبه صاحبه؛ لأَن الدنيا ليست دار جزاءٍ، وليدركوا أَن من أَسباب الفرج دعاءَ الله تعالى والابتهال إِليه، وأَن العاقبة للمتقين، ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾.
ذكر هؤلاءِ الأَنبياءِ بعد ذكر قصة أَيوب ووصفهم بالصبر، يدله على أَن كلا منهم قاسى من شدائد الحياة ما اقتضى منه الصبر، أَما إِسماعيل فصبر على الانقياد للذبح، وصبر على المقام بأَرض غير ذى زرع، وصبر على ما عانى في بناء البيت ومشاق التكليف.