أي: وما شأننا إلاَّ فعلة واحدة على نهج لا يختلف ووتيرة لا تتعدد وهو الإيجاد بلا معالجة ومشقة، أو: وما أمرنا في خلق الأشياء إلا كلمة واحدة سريعة التكوين، فإذا قصدنا شيئًا نريد إيجاده قلنا له: كن، فيكون. وهذا الأمر الصادر منا في اليسر والسرعة كلمح بالبصر لأن اللمح هو النظر بخفة وسرعة على قدر ما يلمح أحدكم ببصره، والمراد: التقريب للعقول في سرعة تعلق القدرة بالمقدور وفق الإرادة الأزلية. وقيل: هذا في قيام الساعة، فهو كقوله - تعالى -: ﴿وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَر أو هو أقرب﴾ (١).
أي: والله فقد أهلكنا أشباهكم ونظراءكم في الكفر والضلال من الأمم السابقة،
﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ أي: من متعظ يتعظ ويعتبر بذلك؟ بمعنى أنه لا معتبر ولا متعظ من قريش حيث بالغوا في الإعراض فلا يسمعون ولا يبصرون.
٥٢ - ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ﴾:
أي: وكل شيءٍ مفعول في الدنيا لهؤلاء الكفار من النظراء والأتباع مكتوب عليهم على التفصيل ثابت في ديوان الحفظة. وأجمعت القراء على رفع كلمة (كل) في الآية ليستفاد منها المعنى المراد، وهو أن كل ما فعلوه من الكفر والمعاصي مكتوب في صحف أعمالهم صغيرًا كان أو كبيرًا.