هذه الآية تتميم لكلامها مع الملأ من قومها الذي أرادت به أن تنبئهم بما استقر في ذهنها من أمر سليمان ﵇ الذي سخر الله له الجن، والطير يرسلها إلى ما يشاءُ، وأَنه من القوة بحيث يغلبهم على أَمرهم إذا قاتلوه، فيفسد القرى، ويدل الأعزة وختمت رأْيها بقولها: ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ﴾ عظيمة حافلة تليق بالملوك، تشبع نهمهم وتطفيء نار حقدهم، وتطمعهم في الصداقة، وتغريهم بالمودة، روى أنها قالت لقوْمهَا: إن كان ملكا دنيويًّا أرضاه المال، وعملنا له بحسب ذلك، وإن كان نبيًّا لم يرضه المال وينبغى أَن نتبعه على دينه. اهـ وجاء في ابن كثير عن ابن عباس وغير واحد أنها قالت لقومها: إن قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه، وإن لم يقبلها فهو نبي فاتبعوه.
وقوله تعالى حكايته عنها: ﴿فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ معناه: فمنتظرة بعد وصول الهدية إليهم، واطلاعهم عليها - بأَي شيء يرجع إليّ المرسلون بالهدية فأعمل بما يقتضيه الأمر، نقل ابن كثير عن قتادة أنه قال: ما كان أَعقلها في إسلامها وشركها.