للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١ - ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)

[سبب نزول هذه الآية]

أَخرج الإِمام مسلم عن جابر بن عبد الله أَن النبي كان يخطب قائمًا يوم الجمعة، فجاءَت عير من الشام فانفتل الناس إِليها حتى لم يبق إِلا اثنا عشر رجلا - في رواية: أَنا فيهم - فأَنزلت هذه الآية التي في الجمعة (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) وفي رواية: فيهم أَبو بكر وعمر .

وقد ذكر الكلبي وغيره أن الذي قدم بالعير دحية بن خليفة الكلبي من الشام عن مجاعة وغلاء سعر وكان معه جميع ما يحتاج الناس إِليه من بُرٍّ ودقيق وغيرهما، فنزل عند أَحجار الزيت (١) وضرب بالطبل؛ ليؤذن الناس يقدومه، فخرج الناس إِلا اثني عشر رجلا، وقيل: ثمانية رجال، وقيل أَربعون رجلا، وقيل: غير ذلك، وكانت هذه التجارة لعبد الرحمن ابن عوف، وذكر الزمخشري أَنه قال: "والَّذي نفسي بيده لو خرجوا جميعًا لأَضرم الله عليهم الوادي نارًا" كما جاءَ في القرطبي.

والمراد من اللهو نفس التجارة، فاعتبر خروجهم لتلقيها لهوًا تهجينًا له، لما فيه من الإِعراض عنه ولهذا رجع الضمير مؤَنثًا في قوله: (إِلَيْهَا) - رجع - إِلى التجارة، ولم يذكر ليرجع إِلى اللهو؛ لأَنه لم يقصد لذاته بل لتقبيح خروجهم للتجارة أَثناءَ الخطبة لمشاهدة ما جاءَ فيها أَو للشراءِ منها لهوا، فإِن رزقهم منها مكتوب عند الله تعالى، فلا وجه لتركهم سماع الخطبة والانصراف إليها.


(١) اسم مكان في سوق المدينة.