شروع في بيان قصص بعض الأَنبياء مع أُممهم، وانتقام الله ممن كذبهم، تهديدًا لِمَنْ كذب رسوله ﷺ من مشركي قريش وكل من خالفه وأَعرض عن دعوته؛ وتحذيرًا لهم مما أَحله بالأُمم السابقة التي كذبت رُسُلها، وتأْكيدًا لما مرَّ من التسلية له ﷺ والوعد بالهداية والنصر، في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ .. وقد بدأَ سبحانه بحكاية ما جرى لموسى ﵇ فبَين أَنه ابْتَعَثَه مؤيدًا بالتوراة التي أَنزلها عليه، وجعل معه ﴿أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا﴾: أي بعثه معه يؤيده ويشد أَزره، وهو تابع له، كما يتبع الوزير سلطانه.
وبدأَ الحديث معه باللام وقد؛ لإِفادة التأْكيد، أَي: ولقد أَنزلنا التوراة على موسى ﵇ وأَيدناه بأَخيه هارون.
المراد بالقوم هنا: قوم فرعون، أَي: فقلنا لهما: اذهبا إلى قوم فرعون؛ الذين كذبوا بدلائل التوحيد المودعة في الأَنفس والآفاق، أَو كذبوا بالآيات التي جاءَهم بها يوسف ﵇، أَما حَمْلُ التكذيب على أَنه بالآيات التسع؛ التي ذكرت في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ (١) فإِنه لا يناسب المقام؛ لأَنها لم تظهر إلاَّ بعد