للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله - تعالى - فيهم هذه الآية. وقيل غير ذلك في سبب نزولها، وتعتبر هذه الرواية تفصيلًا لما قبلها.

على أي سبب نقله الرواة فالآية خاصة ببعض الأعراب؛ لأن منهم من آمن بالله واليوم الآخر، وفيهم قال الله - تعالى -: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ في رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١).

ومعنى الآية: قالت الأعراب الذين حول المدينة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: آمنا، يقصدون إبهامه أنهم صدقوا به وبرسالته مخلصين، وقد كذبوا، فإنهم منافقون، ولهذا كذبهم الله - تعالى - بقوله لرسوله ليبلغهم: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ في قُلُوبِكُمْ} أي: قل لهم: لم تصدقوا بقلوبكم، ولكن قولوا: أسلمنا بألسنتنا، رغبة في جلب المنافع ودفع المضار، وحتى الآن لم يدخل الإيمان في قلوبكم، وإن تطيعوا الله ورسوله فتُصَدِّقوا بقلوبكم كما صدقتم بألسنتكم لا ينقصكم شيئًا من أُجور أعمالكم التي تؤدونها بعد صدق الإيمان، إن الله واسع المغفرة عظيم الرحمة، فبادروا بالإخلاص ليغفر لكم نفاقكم الذي أنتم فيه، ويرحمكم بقبول توبتكم.

١٥ - (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ في سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ):

إنما المؤمنون - حقيقة - هم الذين صدقوا بالله ورسوله بقلوبهم، ثم لم يطرأ على إيمانهم ريبة وشك، وبذلوا الجهد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم إذا طلبوا للجهاد، أولئك الموصوفون بتلك الصفات هم الصادقون في إيمانهم لا أنتم أيها المنافقون الذين قدِمتم لنيل المغانم، واتقاء المغارم.


(١) سورة التوبة، الآية: ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>