هذه الآية بشارة وعِدَة للمؤمنين، مقابلة لما ذكر في الآية السابقة، من تحذير ووعيد للكفرين. وهكذا، يصرف الله الآيات وينوعا بين الترهيب والترغبب.
ومعنى التبشيرة. المفهوم من قوله: ﴿وَبَشِّرِ﴾: الإخبار بما يسر، وأطلق عليه ذلك، لظهور أثره على البشرة. رقد سيقت البشرى في هذه الآية لمن آمن وعمل صالحا من الناس، أي لمن جمعوا بين عمل القلب، وهو الإيمان والتوحيد الخالص، وعمل الجوارح، وهو الاستقامة والاستدامة للعمل الصالح.
ويستدل بها على أن مفهوم الإِيمان لا يدخل فيه العمل الصالح، ولكنه لا بد منه لحسن الجزاء؛ فإن الإيمان وهو التصديق كالأساس، والعمل الصالح كالبنيان فوقه.
ولا يكفى أساس من كير بنيان، كما لا يعيش بنيان بغير أساس؛ لأنه معرض للانهيار.
وجمع ﴿الصَّالِحَاتِ﴾ للإِشارة إلى الإتيان بها بأَنواعها، دون اكتفاء ببعضها. فأركان الإِسْلام وما يتصل بها، متماسكة كما يفهم من حديث "بُنِىَ الإسلام على خمس: شهادة أَن لا إله إلاالله، وأَن محمدا رسول الله، واقام الصلاة، وإيتاء الزكإة، والحج، وصوم رمضان (١) " مجمع عليه.
﴿أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ﴾:
أي وبشرهم بأن لهم جنات .... إِلى آخر الآية، والجنات: البساتين التي
تتداخل وتتشابك فروعها، فهي تُجِنُّ أي تستر من دخل تحتها.
وقوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ أَي من تحت أشجارها.
في هذه الجملة وصف للجنات بان أشجارها تحمل ثمارا متشابهة يستمتع بطعامها أهل الجنة، كلما قطف أَحدهم ثمرة منها وجد مكانها من الغصن ثمرة مثلها، فيعجبون من ذلك