بعد أن احتج الله على المشركين بما سبق بيانه، جاءت هذه الآية تحكى احتجاجًا آخر على ثبوت التوحيد وبطلان الإشراك، بإظهار كون الشركاء لا يتصفون بصفات الإلَه الحق.
والمعنى: قل لهم أَيها الرسول سائلًا إياهم على سبيل الإنكار والتوبيخ والإلزام، هل يوجد من بين هؤلاء الذين جعلتموهم شركاء لله في العبادة من له القدرة على بدءِ الخلق ثم إِعادته بعد الفناء؟ ولما كان هذا السؤال مما لا يجيبون عليه لإنكارهم البعث والمعاد: أمر الله رسوله أَن يبين لهم من يستطيع ذلك وهو الله ﵎ فقال:
﴿قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾: لأنه هو القادر وحده على البدءِ باعترافهم، ومن قدر على البدءِ، فهو قادر على الإعادة، كما قال تعالى: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ (١) وفي قوله تعالى ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ تهديد بالعقاب لهم يستدعي التفكير في التوبة من الشرك.
﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾: أَي إِذا ثبت أَن الله هو القادر على البدءِ والإعادة فكيف تعدلون به غيره فتنقلبون من الحق إِلى الباطل، وتتركون التوحيد إلى الشرك إِن فعلكم هذا لعجيب لا يصح أَن يكون.