للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾:

أَي ففرقنا بين المشركين والشركاء، أَي قطعنا الصلة التي كانت بين العبدة ومعبوداتها في الدنيا، فقد تبين الحال وخابت فيهم الآمال، ولم يعد لهم أَمل في شفَاعَتهمْ فيئسُوا منهم، وابتعدوا عن اللجوء إِليهم، وقيل إن التفريق بينهم في الموقف حسِّىٌّ، والأول هو اللائق بالمقام، وحينئذ تبرأَ الشركاءُ من عابديهم، قائِلين لهم: ما كنتم تخصوننا بالعبادة في الحقيقة، بل كنتم تعبدون شهواتكم وشياطِينكم التي دعتكم إِلى الإشراك، وهؤلاء الشركاءُ المتبرئون إما أَصحاب عقل وإِدراك كالملائكة والبشر، وإِما غيرهم كالأصنام والكواكب، أما تبرّؤ الأَولين من عابديهم فلا يحتاج إلى تأَويل، وأَما تَبرُّؤ نحو الأَصنام، فيكون بلسان الحال أو المقال، بأَن ينطقها الله الذي أَنطق كل شيءٍ ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ﴾ (١).

٢٩ - ﴿فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ﴾:

بَعْدَمَا تبرأَ الشركاءُ من عبادة عابديهم، استشهدوا باللهِ على براءَتهم منها، قائلين: فيكفينا الله شهيدًا بيننا وبينكم على براءَتنا من إشرَاككُمْ، فأننا لم نجبركم عليه، ولا أَشرنا عليكم به وإِن شأْننا معكم أَننا كنا عن عبادتكم لنا غافلين: والمراد من الغفلة هنا عدم رضاهم عنها.

﴿هُنَالِكَ تَبْلُوكُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾

[المفردات]

﴿تَبْلُو﴾: تعرف يقينًا ما قدمت.


(١) البقرة، الآية: ١٦٦