واذكر - يا محمَّد - أو تذكر أنت هؤلاء الرسل الذين صبروا وصابروا وأبلوا بلاءً حسنًا في أداء رسالة ربهم، وتحملوا سفه قومهم وجهلهم حتى يُهتدى ويكونوا مثلا صالحة يتأسى بهم سواهم.
وكلهم من الصفوة الكرام البررة الذين انتخبهم ربهم واختارهم.
وقد أفرد - سبحانه - إسماعيل وفصل ذكره عن ذكر أبيه إبراهيم وأخيه إسحاق للإشعار بعراقته وأصالته في الصبر الذي هو المراد فقد صبر إسماعيل على الذبح لولا أن الله فداه بذِبْحٍ عظيم.
والحكمة من ذكر أو تذكر هؤلاءٍ تبدو فيما يأْتي:
أ - أما إبراهيم ﵇ فقد صبر وصابر على إيذاء قومه له فلم يداهنهم على كفرهم، أو تلن قناته أو تضعف عزيمته عندما عزموا على تحريقه وإلقائه في النار ثم ألقوه فيها فكانت عليه بردا وسلامًا.
٢ - وأما إسحاق ﵇ فقد صبر على طمع قومه وجشعهم فكان يحفر الآبار ليسقى دوابه ويروى زرعه، فيأْتى هؤُلاء العصاة أكلة السحت والحرام فيأْخذونها منه فيتركها لهم ويحفر غيرها وهكذا، ثم ما عاناه من تقدم السنن ووهن العظم وفقد البصر.
٣ - وأما يعقوب ﵇ فقد تأسى عن فقد أحب أبنائه إليه وأدناهم إلى قلبه، فكان منه الصبر الجميل، والاستعانة بالله على ما أصابه قال - تعالى -: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ (١) ثم ابتلى بأخذ ابنه الثاني شقيق يوسف بدعوى أنه سرق فاشتعل حزنه وتضاعف ألمه على يوسف، ولكنه كان كبير الرَّجاء عظيم الأمل في رحمة