للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الحافظ ابن كثير: وفي هذا بشارة محمد بفتح مكة، مع أَن السورة مكية نزلت قبل الهجرة، وكذلك وقع، فإن أهل مكة هموا بإخراج الرسول منها كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا﴾ (١). ولهذا أَورث الله رسوله مكة فدخلها عنوة - على أَشهر القولين، وقهر أَهلها ثم أطلقهم حلمًا وكرما، كما أَورث الله القوم الذين كانوا يُستضعفون من بني إِسرائيل في مشارق الأرض ومغاربها، وأورثهم بلاد فرعون وأموالهم وزروعهم وثمارهم وكنوزهم كما قال: ﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ (٢).

﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (١٠٥) وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (١٠٦) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (١٠٩)

[المفردات]

﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ﴾: الحق؛ الأمر الثابت الذي لا يتبدل ولا يزول، ضد الباطل.

﴿فَرَقْنَاهُ﴾: أَنزلناه مفرقا منجما، أو أَنزلناه مبينا موضحا.

﴿عَلَى مُكْثٍ﴾: أَي على تُؤَدة وتأنٍّ. ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾: يقعون على أذقانهم.

﴿إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾: أي إِن الشأن في وعد ربنا أنه كائن لا محالة.


(١) سورة الإسراء، من الآية: ٧٦
(٢) سورة الشعراء، الآية: ٥٩