تطور حوار أَهل القرية مع الرسل من مجرد التكذيب والإِنكار إِلى الشتم والتهديد، والتوعد المقترن بالقسم، قالوا لما ضاقت عليهم الحيل، وعييت بهم العلل، وانسدت أَمامهم أَساليب الجدل - قالوا - للرسل جريا على عادة الجهال: إنا تشاءَمنا بوجودكم، وضقنا من قولكم، ثم أَتبعوا ذلك قولهم توعدا مؤَكدا بالقسم، والله لئن لم ترجعوا عن دعوتكم، وتمسكوا عن مقالتكم، لنرمينكم بالحجارة وليصيبنكم منا عذاب أليم، وإيذاءٌ موجع لا يقادر قدره.
قيل: إن سبب التطير انقطاع المطر عنهم، أَو انتشار الجذام فيهم - والله أَعلم بصحة ذلك - ورد عليهم الرسل، قالوا: طائركم وتشاؤُمكم ملازم لكم، نابع من قبح أعمالكم، وسوء عقيدتكم، وما فعلنا معكم ما يقتضي تشاؤُما، أَو يثير ضيقا، سوى أَن ذكرناكم وخوفناكم عذاب ربكم، ودعوناكم لما فيه سلامتكم وسعادتكم، وليس في ذلك ما يقتضي تشاؤُما، بل أنتم قوم مسرفون ومتجاوزون الحد في الظلم والعتو، ممعنون في الشرك تعيشون فيه وتقيمون عليه، والمصائب التي حاقت بكم من سوء أَعمالكم.