تحدثت كلتا السورتين - الجاثية والأحقاف - عن القرآن الكريم، وأنه منزل من عند الله العزيز الحكيم في خلقه وتدبيره، كما أن كلا من السورتين ذكرت نموذجًا شريرًا من البشر؛ ففي سورة الجاثية جاء ذكر اليهود وما أفاء الله عليهم من الخير ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ ولكنهم اختلفوا فيه بعد ما جاءهم العلم وبغى بعضهم على بعض؛ حسدًا وعنادًا، وكذلك الأمر في سورة الأحقاف حيث عاند الكفار واستكبروا عن الحق، قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾.
[بعض مقاصد هذه السورة]
١ - أنها - كشأن السور المكية - تدعو إلى العقيدة الصحيحة من توحيد الله - تعالى - إلى تصديق رسالة الرسل ﵈ إلى الإيمان باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب.
٢ - أنها تؤكد صحة رسالة رسولنا ﷺ وصدق ما جاءهم به عن الله - تعالى -.
٣ - أنها أوضحت ضلال الكفاد وبهتانهم وخطأهم في عبادة الأوثان والأصنام التي لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع.
٤ - أنها ردت على المشركين وسفَّهَتهم في زعمهم أن القرآن سحر مبين، قال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ﴾.
٥ - أنها جاءت بمثالين: أحدهما للولد الصالح البار بوالديه وقد بلغ كمال عقله ورشده فقاله: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ﴾ وثاني المثالين جاءت به للولد الفاجر العاق لوالديه الذي يقابل نصحهما