أَي فلما عاد إِلى موسى وعيه وفهمه وذهبت عنه تلك الشدّة قال تعظيما لله وإِجلالا لمقامه: أُنزهك يا رب عن مشابهتك لشئٍ من خلقك وأُجلُّك عن أَن أَسأَلك شيئًا بغير إِذن منك، وأَنا أول من أَسلم وجهه لك في هذه الأُمة وآمن بكبريائك وعظمتك فيها.
والجبل قيل: إِنه جبل زبير أَو جبل أُردن.
وقد دلت الآية على أَن الله تعالى كلم موسى، وكلامه تعالى له، مخالف لكلام الحوادث، فليس بحرف ولا صوت ولا يعلمه إِلا الله تعالى وقد دلت الآية أَيضًا على أَن الله تعالى لم يمكِّن موسى من رؤيته، وليس هذا دليلًا على استحالة رؤيته، بل على عدم وقوعها لموسى في الدنيا، لأَنه لم يهيأْ لهذه الرؤية بالتكوين المناسب لها، فإِن رؤْية الحادث للقديم تحتاج إِلى تكوين مناسب لها، كما حدث للنبي ﷺ ليلة المعراج، وكما سوف يحدث للمؤمنين في الجنة، ولهذا قال سبحانه لموسى في رده عليه: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ ولم يقل لن يرانى أَحد، أَو لن أُرى من أَحد من خلقى.