للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾: في هذه الجملة حكم من الله تعالى بخسران المكذبين وتعجيب من حالهم حيث لم يستعدوا ليوم الدين بالإِيمان وعمل الصالحات المزكية للنفوس، وآثروا عليها الدنيا القصيرة الأَمد، المليئة بالأَكدار، والتى يرونها يوم الحشر كأَنها ساعة من نهار، وقد بين الله تعالى ضلالهم فيما ذهبوا إليه فقال:

﴿وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾: أَي وما كانوا مهتدين إلى الصواب فيما ذهبوا إِليه واختاروه لأَنفسهم، من إِيثارهم الفانى على الباقي. وهو الأَعمال الصالحة التي هي ثمرات الإِيمان الصحيح. والعاقل من يستعمل عقله ويأْخذ حذره، ويختار الأَصلح والأَنفع والأَبقى، والمقصود من لقاءِ الله: حسابه وجزاؤه في الآخرة قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (١).

﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾

[التفسير]

٤٦ - ﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ﴾: أَي أن هؤلاءِ المشركين لن يفلتوا من عقابنا عاجلا أَو آجلا، فإِمَّا أَن ننزله بهم في الدنيا ونريك بعض ما توعدناهم به من قبل وفاتِك. وإِما أَن نتوفاك فإِلينا رجوعهم للحساب والعقاب على ما كسبوا من جرائم، فتراه ماثلا أَمام عينيك.

﴿ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾: هذه الجملة فيها تأْكيد للوعيد السابق، والمراد منها أَن أَعمالهم محصاة عليهم وأَنها معلومة بدقائقها لله تعالى، فهو شهيد على ما يفعلون


(١) سورة الأنعام من الآية: ١٠٨