للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن إصابة العذاب لهم بالأخذ الدال على القهر والشدة نظرًا لحالهما، وسدًّا لِمَنافِذِ النجاة على كليهما، وعبر عن إصابة العذاب لهم حال الغفلة بالإتيان لأنه ليس مظنة الفرار وسلوك أي مسلك للنجاة عادة. فلذلك اختلف التعبير في الإِنذار بالعذاب. وليس المراد حصر الإهلاك في هذه الأحوال الثلاثة، وإنما المراد بيان قدرة الله على إهلاكهم بأي وجه كان.

ثم ختمت الآية بما يفيد اقتضاء رحمة الله الواسعة، ورأفته الشاملة ألا يعاجلهم بالعقوبة في الدنيا ليتسنى لهم التفكر في شأنهم والتدبر في أمرهم. حيث قال سبحانه:

﴿فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾: حيث أمهلكم مع استحقاقكم للعقوبة لما اقترفتم من بغي وعدوان.

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (٤٨) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)

[المفردات]

﴿يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ﴾: تفيُّؤ الظلال: رجوعها بعد انتصاف النهار. من فاء يفيء. إذا رجع.

﴿دَاخِرُونَ﴾: أذلاء منقادون، من الدُّخُور وهو الصغار والذل، وفعله. كمنع وخرج.

[التفسير]

٤٨ - ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ … ﴾: استفهام إِنكارى قصد به تقريع الذين مكروا السيئات، والمعنى أعمى الذين مكروا السيئات ولم ينظروا إلى ما خلق الله من كل جسم قائم له ظل مما تدركه الأبصار، ليعلموا عظمة الله وكبرياءه، وأنه سبحانه دانت