له الأشياء والمخلوقات جميعًا جمادها ونباتها وحيوانتها، وأناسبها. كما دانت له ظلالها.
فكل ذى ظل منها. ﴿يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ﴾: أَي ينتقل ويرجع من جانب آخر بارتفاع الشمس وانحدارها. أو باختلاف مشارقها ومغاربها. فإن لها مشارق ومغارب حسب مداراتها اليومية التي تتحرك فيها كل يوم من أَيام السنة وفق تقدير العزيز العليم.
﴿عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾: المراد بهما جانبا الشيء، استعارة عن يمين الإنسان وشماله، والمعنى أن ظلال الأشياء متفيئة عن جانبي كل واحد منها. ترجع من جانب إلى جانب. فتكون أول النهار على حال، وآخره على حال أخرى وذلك أنها تميل إلى جهة المغرب من وقت الشروق إلى الزوال. وتميل بعده إلى وقت الغروب راجعة إلى جهة الشرق.
﴿سُجَّدًا لِلَّهِ﴾: أي حال كون هذه الظلال منقادة لإرادته تعالى في الامتداد والتقلص.
والرجوع من حال إلى حال خاضعة لأحكام تدبيره. غير ممتنعة عليه سبحانه فيما سخرها له، وذلك هو المراد بسجودها.
﴿وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾: أي أن أَصحاب هذه الظلال التي انقادت ظلالها لما قدر لها من التفيؤ. أذلاءُ منقادون لحكمه تعالى. يستوى في ذلك الأجرام الثابتة، كالجبال والأشجار والأحجار ونحوها، والأجسام المتحركة من كل ما يدب على الأرض إنسانًا وغيره، وعبر بضمير العلاء وصفتهم مع شمول الحكم لسواهم، تغليبًا للعقلاء على غيرهم.
٤٩ - ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ … ﴾: شروع في بيان سجود المخلوقات المتحركة بالإرادة بعد بيان سجود الظلال وأصحابها بصفة عامة تأكيدًا لبيان قدرة الله جل شأنه، وأَنه سبحانه يخص لسلطانه وحده كل شيء، وينفاد له جميع ما في السماوات من الملائِكة والشمس والقمر والنجوم والكواكب والرياح والسحاب، وما في الأرض من كل شيء يدب ويتحرك عليها، وقوله من دابة بيان لما في الأرض، وقيل بيان لما في السماوات وما في الأرض جميعًا بناء على أن الدبيب هو الحركة الجسمانية في أرض أو في سماء، وربما كان ذلك إشارة إلى وجود أجسام عاقلة على بعض الكواكب، وقد عزى هذا الرأى إلى ابن عباس وغيره.