للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى﴾: أَنعمنا عليك في وقت آخر بنعم غير هذه النعمة وسيأْتي بعض تفصيلها: ﴿أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ﴾: ألهمناها كما في قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾، ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾: ولتربَّى تربية حسنة بعنايتى وعلمى، تقول: صنعت الفرس وأَصنعته: أحسنت رعايته والقيام بشئونه.

﴿يَكْفُلُهُ﴾: يرعاه ويعنى بتربيته. ﴿فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ﴾: فأنقذناك من الكرب بسبب قتلك القبطى من شيعة فرعون. ﴿مَدْيَنَ﴾: بلدة شعيب صهر موسى.

﴿ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى﴾: جئت على موعد مقدَّرٍ لإرسالك إلى فرعون.

﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾: اخترتك لرسالتي من الاصطناع بمعنى الاستخلاص، أو خلقتك لها. من الصنعة.

[التفسير]

٣٦ - ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى﴾:

أي قال الله لموسى بعد أن دعاه، قد حققنا لك ما سألت، وأجبناك لما التمست، فسنشرح لك صدرك، ونيسّر لك أمرك، ونطلق لك لسانك، فلا تتهيب المواقف فيحتبس عن قول الحق، وسنؤزرك بنبوة أخيك هارون ورسالته، فأقبل على ما كلفناك به في حفظنا ورعايتنا وكفالَتنا، ثم زاده الله اطمئنانا على رعايته له في مهمته فقال:

٣٧ - ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى﴾:

أَي وبالله فقد أنعمنا عليك من غير دعاء منك، أَنعمنا عليك مرة أخرى في وقت سابق لم تكن فيه نبيًّا ولا رسولًا، فكيف لا ننعم عليك بما طلبته منا وقد اتخذناك نبيًّا ورسولًا، ولقد بدأ الله هذا الامتنان بالقسم اعتناءٌ به، وبالمقصود منه، ثم عقَّب الله هذا الامتنان المجمل بتفصيله فقال:

٣٨ - ﴿إذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى … ﴾:

الإيحاءُ هنا … بمعنى الإلهام. كما في قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ أي ألهمها - أما الإيحاءُ عن طريق الملك .. فخاص بالأنبياء .. ولا نبوة للنساء. فضلا عن