للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثابت المنزل من ربك لتنذر به، وتخوف قريشًا قومك الذين لم يسبق لهم إنذار بمثله قبل بعثتك إليهم؛ لأنهم لم يرسل إليهم رسول منهم قبلك فقد كان إسماعيل - عليه السلام - غير عربي، أُرسل لقبيلة جرهم التي هي من العرب العاربة، أما قريش فمن العرب المستعربة. التي هي من ذرية إسماعيل وجرهم، أو أنهم لم يباشرهم وآبائهم الأقربين إنذار، وإنما كان الإنذار لآبائهم الأقدمين، وقد طال عليه العهد، وبعد به الزمن، فلم يسمعوا شيئًا منه، ولم يعرفوا شيئًا عنه، وقد بعثك الله إليهم، وأنزل عليك الكتاب لتنذرهم به {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} أي: رجاءَ أن يهتدوا، فهو على الترجي من رسول الله، كما جاء الترجي من موسى - عليه السلام - في قوله - تعالى -: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (١) أو على التعليل بمعنى: ليهتدوا.

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٤) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥)}

المفردات:

{اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (٢) أي: قام وحده بتدبير سمواته وأرضه بعد خلقها، ولهذا قال بعد ذلك: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}.

{مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ}: من ناصر ينصركم ولا وسيط يشفع لكم.

{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}: يريده على وجه الإتقان ومراعاة الحكمة، والمراد به هنا: أمر الدنيا وشئونها.


(١) من الآية ٤٤ من سورة طه.
(٢) سبق بسط الكلام على آراء العلماء في تفسير مثل هذه الآية في سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>