فقد ذكر: أن الآية، نزلت في عبد الله بن سلام - من أحبار اليهود - وأصحابه الذين آمنوا معه.
وذلك أنهم حين آمنوا بالنبي ﷺ وآمنوا بشرائعه وشرائع موسى ﵇: فعظموا يوم السبت، وكرهوا لحمان الإبل ألبانها بعد ما أسلموا.
فأنكر ذلك عليهم المسلمون، فقالوا: إنا نقوى على هذا وهذا، وقالوا للنبي ﷺ إن التوراة كتاب الله، فدعنا لنعمل بها، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وعلى هذا، فالسلم بمعنى الإسلام، أي: ادخلوا مع المسلمين في شريعتهم، مجتمعين معهم، ولا تفترقوا عنهم، بالأخذ بما نسخه القرآن من التوراة.
وقيل: الخطاب لأهل الكتاب الذين آمنوا بكتابهم، وكفروا بالقرآن.
والمعنى عليه: يا أيها الذين زعموا الإيمان بشريعتهم: ادخلوا في الإسلام جميعًا، فليس إيمانكم - بما في كتابكم وحده - بنافعكم.
وقيل: الخطاب للمنافقين. والسلم - على هذا - بمعنى الاستسلام والطعاة القلبية.
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم ولم تُؤمن قلوبهم: ادخلوا في الاستسلام، والطاعة القلبية كافة، واتركوا النفاق.
وقيل: الخطاب للمؤمنين المخلصين.
والمعنى عليه: يا أيها الذين آمنوا بقلوبهم، ادخلوا في شُعَب الإسلام كلها، ولا تُخِلُّوا بشيء من أحكامه.
وقال الزجاج في هذا الوجه: المقصود: أمر المؤمنين بالثبات على الإسلام. ويجوز أن يكون المعنى على هذا: يا أيها المؤمنون المخلصون، ادخلوا في المسالمة جميعًا، ولا تشتغلوا فيما بينكم بالجدل والخلاف المذهبي، حتى لا تتفرقوا إلى شيع وأحزاب: يقتل بعضكم بعضًا.