للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن هنا، كانت الفتنة أكبر من القتل، لأَنها قتل بطيءٌ مصحوب بالتعذيب والتنكيل.

وقيل المراد بالفتنة: الشِّرك والكفر.

{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}:

أي هم لم يكتفوا بالصد عن سبيل الله والكفر به، ولم يقتنعوا بتعذيبكم وإخراجكم من دياركم، بل لا يزالون يفتنونكم، بشن الحروب عليكم لإبادتكم، أو صرفكم عن دينكم القويم إن استطاعوا، وسيظل شأْن الكفار مع المسلمين مستقبلًا كذلك.

ولا شك في أن مقابلة العدوان - بمثله - أمر مشروع.

والتعبير بحرف الشرط (إنْ) لاستبعاد استطاعتهم صرفَهم عن دينهم.

ثم حذرهم فقال:

{وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}:

أي من يستجيب منكم لهؤُلاء المشركين، فيرجع عن دينه إلى دينهم، فيمت وهو كافر: بطل كل عمل صالح قدمه، وخسر الدنيا والآخرة.

وفي هذا إنذار شديد، لمن تحدثه نفسه - من ضعفاء الإيمان - بالارتداد.

(وَأُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ):

أي وأُولئك المرتدون عن دينهم أهل النار، هم فيها خالدون، إذا ماتوا وهم كافرون. ولا يغني عنهم إيمانهم السابق عن الردة.

أما من ارتد عن دينه، ولم يمت وهو كافر، بل تاب عن ردته وكفره، فالله يقبل توبته بفضله.

واستدل الإمام الشافعي بالآية: عن أن الردة لا تحبط الأعمال، حتى يموت صاحبها عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>