ووضحت الآيات صورة الموقف المخزى للأعراب الذين تخلفوا عن القتال مع رسول الله حينما دعاهم إلى النفير، وأعذارهم الواهية الكاذبة في ذلك، وفضحتهم وكشفت عن نفاقهم وسوء طويتهم، وأنهم تخلفوا عن القتال لظنهم السيء أن الله لن ينصر نبيه - وذكرت طلبهم الخروج معه بعد ذلك لا حبًّا في القتال والجهاد، ولكن حبًّا للغنائم وابتغاء متاع الحياة الدنيا.
وتناولت الآيات أصحاب الأعذار الذين يباح لهم التخلف عن القتال لعجزهم عن مباشرته وأنهم لا إثم عليهم في ذلك، كما بينت السورة الخير العظيم الذي حظى به من ﵃ في بيعة الرضوان، وذكرت منَّة الله في كف الكافرين عن المؤمنين، والمؤمنين عن الكافرين يوم فتح مكة بعد أن نصرهم الله وأقدرهم عليهم، وختمت السورة ببيان أن الله صدق رسوله الرؤيا بالحق، وكان الرسول قد رأى في منامه أنه يدخل هو ومن معه من المؤمنين المسجد الحرام آمنين محلقين رءوسهم ومقصرين لا يخافون، وبيان خُلُقِ محمد وأصحابه: ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ وببيان نعتهم وصفتهم في التوراة والإنجيل، وبذكر ما أعده الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات من المغفرة والأجر العظيم.
﴿فَتَحْنَا﴾ أصل الفتح: إزالة الإغلاق، وفتح البلد - كما في الكشاف -: الظفر به عنوة أو صلحًا بحرب أو بغيرها؛ لأنه منغلق ما لم يُظْفر به، فإذا ظفر به فقد فتح.