دلت الآية السابقة على عناية الدين بصحة العقائد، فطالبت المؤمنين أن يقيموا عقد النكاح على أساس من الإيمان الصادق، كما تدل على الغرض الرئيسي من الزواج، وهو: إنجاب الأطفال.
[وسبب النزول]
ما أخرجه مسلم، وأحمد، وأبو داود، وغيرهم، عن أنس ﵁"أن اليهود كانوا - إذا حاضت المرأة منهم - أخرجوها من البيت، ولم يُؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت - أي لم يكونوا معهن في البيوت - فسئل رسول الله ﷺ عن ذلك، فأنزل الله هذه الآية، فقال ﷺ: "جَامِعُوهُنَّ فِي البُيوتِ، واصْنَعُوا كُلَّ شَيءٍ إلَّا النِّكَاحَ" أي إلا الوطء فإنه لا يحل أثناءَ الحيض.
وكان اليهود يعتقدون أن الحائض نجسة، وكل من مسها يكون نجسًا، إلى المساءِ، وكذلك يتنجس كل ما تلمسه أو تجلس عليه، أو تلبسه. فمن مس فراشها لا يطهر إلا بغسل ثيابه واستحمامه، ومع هذا يظل نجسًا إلى المساء. ومن ضاجعها ظل نجسًا سبعة أَيام. (١)
وكان النصارى يتسامحون في أَمر المحيض.
والمعنى: ويسألك المؤمنون عن دم النساءِ الذي يأْتيهن شهريًا، عن الأحكام المترتبة على وجوده، قل لهم: هو أَذى، إذ هو ضَارٌّ بصحة الأجسام، وقذر تتأَذى منه النفوس.
وقد ثبت طبيًا: أن اتصال الرجل بالمرأة - أثناء الحيض - قد يترتب عليه ضرر المرأَة ذاتها كالتهاب المبيض، كما يترتب عليه ضرر الرجل، لوجود جراثيم ضارة في المهبل
(١) راجع في ذلك سفر اللاويين، الإصحاح الخامس ١٩ - ٢٩.