ذكر العلماءُ في سبب نزول هذه الآية: أن قوما قدِموا على رسول الله ﷺ، يظهرون الإِسلام، فأقاموا بالمدينة ما شاء الله، ثم قالوا: يا رسول الله، نريد أن نخرج إلى الصحراء، فَأذَنْ لنا؛ فأذِن لهم. فلما خرجوا، لم يزالوا يرحلون مرحلة بعد مرحلة؛ حتى لحقوا بالمشركين.
فتكلم المؤْمنون فيهم.
فقال بعضهم: لو كانوا مسلمين مثلنا، لبَقوا معنا، وصبروا كما صبرنا.
وقال قوم: هم مسلمون، وليس لنا أن ننسبهم إلى الكفر، إلى أن يظهر أمرهم.
وعن ابن عباس، وقتادة: أن قوما أظهروا الإِسلام بمكة، وكانوا يعينون المشركين على المسلمين. فاختلف المسلمون في شأنهم؛ فبين الله تعالى نفاقهم في هذه الآية الكريمة:
والخطاب فيها: عام لجميع المؤمنين. والاستفهام: لإنكار مَا وقع من الخلاف في أمر هؤُلاء المنافقين، بعد أن رجعوا إلى المشركين، وأظهروا كفرهم، أو كانوا عونًا لهم على المؤمنين.
والإنكار: مُوَجَّه إلى مَنْ كانوا يدافعون عنهم من المسلمين، وليس إلي جميع المخاطبين.
والمعنى: لِمَ تختلفون في القول بكفر هؤُلاء المنافقين، وتفترقون في هذا الأمر فرقتين، وقد ردهم الله إلى الكفر، كما كانوا بسبب ما اقترفوه من الاحتيال على رسول الله ﷺ وخديعته. أَو معاونة المشركين في إيذاء المسلمين بمكة - حيث بيتوا الشر وأَضمروا الردة؟!
ظهر ذلك جليا، حينما رجعوا إلى مكة ولحقوا بالمشركين وأظهروا الكفر. أو حين أظهروا الإسلام بمكة بلسانهم، وكانوا - في واقع الأمر - عونا للمشركين علي المسلمين.