للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ليس لكم أَن تختلفوا فيه … بل كان يجب عليكم - أيها المؤمنون - أَن تتفقوا على القطع بكفرهم؛ لظهور أدلة هذا الكفر، وذلك النفاق.

لقد يسّر الله لِهؤُلاءِ المنافقين طريق الإيمان الصادق. ولكنهم تنكبوا الصراط المستقيم، وحادوا عن النهج السليم، واختاروا الضلالة على الهدى، فسلبهم الله معونته وتوفيقه، وردهم إلى الكفر بسبب ما عملوا: فكانوا في عداد الكافرين.

﴿أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾؟!

أَنكر هذا النص القرآني على هؤُلاء المدافعين: أن يجعلوا - في عداد المؤمنين - مَنِ اختاروا لأَنفسهم طريقَ الكفر، فلم ييسر الله لهم طريقا إلى الإِيمان، وتركهم في ظلمات لا يبصرون.

وحيث توجه الإِنكار إلى إِرادة هؤُلاء المدافعين، فانتفاءُ قدرتهم على تحقيق الهداية لأُولئك المنافقين، آكَدُ وألْزَمُ.

وفي قوله تعالى:

﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾: تقرير لنفي ذلك وتأكيد له.

أَي ومَن سلب الله عنه معونته على الإِيمان. وتيسيرَ الوصولِ إِليه: فلن يستطيع أيُّ واحد من الناس أَن يجدَ له طريقا ما إِلى الهدى والرشاد. قال تعالى:

﴿ … وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ (١).

٨٩ - ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ … ﴾ الآية.

هذا القول الكريم، يبين للناس غُلُوَّ هؤُلاءِ المنافقين في الكفر، وتماديَهُم في الضلال.

إذ لم يقفوا عند رجوعهم إِلى الكفر الذي ردَّهم الله إِليه، بسبب سوءِ أعمالهم - كما بينته الآية السابقة - بل أَحبوا أَن تكفروا - أَنتم - كفرا مثل كفرهم، وتمنَّوْا لكم إن تَضِلوا ضلالا مثل ضلالهم، فتكونوا - أَنتم وهم في الكفر والضلال - سواءً، على


(١) الرعد، من الآية: ٣٣.