﴿يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ﴾: التفجر؛ التفتح بسعة وكثرة، كما تدل عليه صيغة التفعُّل، وهو لا يسند إلى الأَنهار، إلا بتضمين فعل مناسب، أَى يتفجر ويخرج منه الأَنهار.
﴿يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾: أَى ينزل من أَعلى، خوفًا من الله. وهذه الجملة مجاز عن انقيادها، وعدم امتناعها على ما يريده الله -تعالى- منها.
الخطاب لمعاصرى النبي ﷺ والقسوة لغة: الغلظ، والصلابة. فهى من صفات الحجارة، فلا تتصف بها القلوب إلا مجازا، كما هنا. فهي مستعارة لِبُعدِ قلوبهم عن التأثر بالقوارع والعظات.
والإِشارة فى قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ راجعة إلى ما ذكر من إحياء القتيل، أَو إلى جميع ما تقدم من الآيات، التى توجب لين القلوب واتجاهها نحو الحق، و (ثُمَّ) لاستبعاد قسوة قلوبهم بعد العظات السابقة الموجبة لرقتها، كما في قوله تعالى:" … ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ"(١).
والمعنى: أَنه ما كان ينبغى لكم أَن تقسو قلوبكم بعد شدة تلك العظات، التى تلين القلوب.
ولكنها قست: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ والفاء لتفريع كونها كالحجارة أَو أَشد على قسوة قلوبهم.
هذه الجملة أُريد بها تأْكيد ما تقدم: من أَن قلوبهم أَشد صلابة وقسوة من الحجارة، حيث ذكر فيها أَن الحجارة مع قسوتها وصلابتها -تتشقق ويخرج منها الماء، وأَما قلوبهم، فدائمة الصلابة؛ لا تلين بالمواعظ، فلذا، لا يخرج منها الهدى.