للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٣٢ - ﴿فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ﴾: أَي فذلكم القادر على الحق المتصرف فيه باعترافكم هو الله المربى لكم على موائد كرمه، الذي تتوالى عليكم نعمه ظاهرة وباطنة، الحقُّ الجدير بأَن يعبد وحده دون شريك.

﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾:

في هذا تقرير بأَن المعبود الحق واحد لا يتعدد وضده الباطل، ولا وسيط بينهما فلا يجتمع الإيمان والشرك في قلب واحد، وهذا استفهام للنفى والتوبيخ.

والمعنى إِذا كان الله هو الرب الحق وانصرفتم عن إِفراده بالعبادة فليس بعد ترك الحق إلا الضلال، وهو إِشراك الأَصنام مع الله في العبادة، وهو أَمر لا يختاره عاقل.

﴿فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾: يعني إِذا عرفتم هذه الأُمور الواضحة فكيف تنصرفون عن عبادة الله، وكيف تتحولون عن الحق إِلى الضلال بعد العلم بأَنه هو الرازق المحيى المميت المدبر للأمر كله.

٣٣ - ﴿كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾: أَي وكما ثبت أَن الحق ليس بعده إِلا الضلال أَو كما ثبت أَنهم انصرفوا عن الحق بعد معرفته وجب وثبت حكمه تعالى على الذين تمردوا على طاعته أَنهم لن يكونوا مؤمنين ما داموا مصرين على ما هم عليه، والمقصود من الآية أَن الله يتخلى عنهم فلا يعينهم على الإيمان، فمن بَعُدَ عن الله بَعُدَ الله عنه، ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (١) والمراد من كلمة (الله). حكمه وقضاؤه كما تقدم في بيان المعنى.


(١) آل عمران، من الآية: ١١٧