لما بين الله - تعالى - أن الزوجين - إن تفرقا - يغن كلا من سعته، أتبع ذلك ما يؤَكد به هذا الوعد الكريم، فقرر سبب تحقيقه وهو: أنه - سبحانه - له ما في السموات وما في الأرض، فإن من كانت بيده مقاليدهما، تحققت مواعيده لقدرته الواسعة، وحكمة تدبيره.
ولقد أمَرْنَا كل مَن أوتِيَ الكتابَ من قبلكم، من أتباع الأنبياء السابقين - كما أمرناكم - بتقوى الله تعالى، فهي سر النجاح وصلاح الأمر كله. مَن أخَذَ بها استغنى وكف عن المآثم، ورغب في الخير، وعمل لمصلحته ومصلحة أسرته وأُمته.
وقلنا لهم ولكم: إن تكفروا فإن لله ما في السموات وما في الأرض. ومن كان كذلك، فلن يضره كفركم ومعاصيكم، كما لا ينفعه إيمانكم وتقواكم. وما أمركم بالتقوى ونهاكم عن الكفر والمعاصى إلا لمصلحتكم؛ رحمةً بكم، لا لحاجته إلى عبادتكم.
﴿وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا﴾:
وكان الله - قبل أن تكونوا، ولا يزال بعد ما كنتم - غنيا غير محتاج إلى سواه، مستحقا للحمد وإن لم يحمده الحامدون.
هذه الآية الكريمة، مؤَكدة لما قبلها، بإفادتها ما أَفادته من أَنه تعالى، يملك مقاليد السموات والأرض، مقررة أن أمر هذا الكون موكول إليه تعالى، ممهدة لما بعدها.