هذه السورة تبين مواقف الكفار في مواجهة الحق مثل التي قبلها، والمراد من اقتراب الساعة شدة قربها، وذلك بنسبة ما بقي من عمر الدنيا إلى ما مضى منه، فالباقى منها قليل وإن مضى أكثر من أربعة عشر قرنًا بعد نزول هذه الآية، والله - تعالى - هو وحده الذي يعلم مقدار ما مضى من عمرها منذ إنشاء الخليقة، فقد يكون ملايين السنين، وقد جاء من حديث رسول الله ﷺ ما يشير إلى ذلك، روى قتادة عن أنس قال: خطب رسول الله ﷺ وقد كادت الشمس تغيب فقال: "ما بقي من دنياكم فيما مضى إلا ما بقي من هذا اليوم" وما نرى من الشمس إلا يسيرا. ولا صحة لما روي عن كعب ووهب، وهو أن عمر الدنيا ستة آلاف سنة، مضى منها خمسة آلاف وستمائة، فهذا رجم بالغيب ولم يُرْوَ عن المعصوم ﷺ ولأن الباقي من عمرها على ما قالوا هو أربعمائة سنة، مع أنه قد مضى بعد نزول الآية أكثر من أربعة عشر قرنًا، وذلك يوضح كذب هذا الخبر.
وانشقاق القمر حقيقة وقعت قبل هجرة النبي ﷺ فقد صح من رواية الشيخين وابن جرير عن أنس:(أن أهل مكة سألوه ﵊ أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا حراء بينهما).
وفي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن مسعود: انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ فرقتين، فرقة على الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله ﷺ:"اشهدوا".
ومن حديثه أيضًا:"انشق القمر على عهد رسول الله ﵊ فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، فقال رجل: انتظروا ما يأتيكم به السُّفَّار، فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فجاء السُّفار فأخبروهم بذلك" رواه أبو داود الطيالسي