من السور المكية، وعدد آياتها اثنتا عشرة ومائة، وسميت بذلك لاشتمالها على كثير من قصص الأنبياءِ، وبيان أَحوالهم مع أُممهم، وما لاقوا منهم من عنت وتكذيب، جاءَت في إطار المنهج المكى العام من الدعوة إلى عقيدة التوحيد، وذم عقيدة الشرك، وتوبيخ المشركين على إعراضهم عن الذكر، وعلى دعواهم تنافى النبوة والبشرية، والإخبار بأن الله أهلك كثيرًا من الأمم المكذبة لرسلها عقابًا لهم.
وقد اشتملت على آيات الله في السماوات والأرض، وبيان أنه: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾. وأَن المشركين ليس لديهم برهان على مشروعية شركهم ولا على صحته، وأَن التوحيد عقيدة جميع المرسلين، وأن من اتخذوهم أَولادًا لله ليسوا كذلك، بل هم عباد مكرمون، كما بينت أَن السموات والأرض كانتا شيئًا واحدًا ففصل الله بينهما، وسيأتى بيان ذلك في موضعه، كما بينت أنه تعالى حفظ الأرض من الاضطراب بالجبال، وأنه جعل السماءَ فوقنا كالسقف، وحفظها من السقوط ومن العيوب، وخلق الليل والنهار والشمس والقمر، فكيف يعبدون غيره، وأَن الخلائق جميعًا سوف يموتون، وإِلى الله يرجعون، وعابت على المشركين استهزائهم بالرسول لِنَهْيِهِ إياهم عن عبادة آلهتهم، وتوعدتهم على تكذيبهم بيوم القيامة الذي سيأْتى الناسَ بغتة، ثم بيَّنت أنه تعالى سيضع الموازين يوم القيامة، فيقضى بين الناس بالحق، ولا يظلمهم مثقال حبة من خردل، ثم تحدثت عن أَنه تعالى آتى موسى وهارون التوراة ضياءً وذكرًا للمتقين، وآتى محمدًا ذكرًا مباركًا فكيف ينكرونه، ثم حكت قصة إبراهيم مع قومه وأنه حطم أصنامهم، وسفَّه أحلامهم فرجعوا إِلى الحق، ثم لم يلبثوا أن عادوا إلى وثنيتهم ونصرة آلهتهم، وأَنهم حكموا بقتله إحراقا بالنار، فجعلها الله عليه بردًا وسلامًا، فهاجر مع لوط إلى الأرض المباركة، ووهب الله له حال حياته إسحق ويعقوب بن إِسحق ﵈، ثم عقَّبتْ قصته بقصة لوط فنوح فداود وسليمان، فأَيوب فإسماعيل فذى النون فزكريا ويحيى فمريم وعيسى ﵈، لعلَّ المشركين يعتبرون بما جاء فيها من عظات، ويرجعون عن شركهم وعنادهم،