للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)

[المفردات]

﴿الْأَلْبَابِ﴾: جمع لب، وهو: العقل.

[التفسير]

١٧٩ - ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ … ﴾ الآية.

هذه الآية تعليل لإيجاب القصاص الذي مر بيانه في الآية السابقة، وتوضيح لمحاسنه على وجه بديع، حيث جعل الشيء سببًا في ضده.

فقد ذكرت في إيجاز معجز، الهدف من القصاص، وهو حياة المجتمع في أمن وسلام، ولهذا خاطبت أُولي الألباب، أي: أصحاب العقول الخاصة من العلماء والأذكياء.

فإذا انحرف بعض الأفراد، اقتضت المصلحة العامة للجميع استئصال المنحرف، محافظة على سلامة غيره فالقصاص من الجناة حياة آمنة للأُمة. وإلى هذا أشارت الآية الكريمة:

﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْ ضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ (١).

فالأصل: هو القصاص. أما العدول عنه إلى قبول الديات أو العفو، فمتروك لأولياء الدم.

وقد عنى علماء البلاغة والمفسرون بالموازنة بين التعبير القرآني: "ولكم في القصاص حياة"، وبين الحكمة العربية: "القتل أنفى للقتل".

وأورد السيوطي في كتابه: "الإتقان" عشرين وجهًا، لتفضيل العبارة القرآنية. ومن أبرز وجوه امتيازها على العبارة العربية: أنها واضحة الهدف وهو حياة الأمة، وأن القتل فيها للقصاص.


(١) المائدة: ٣٢.