للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بوزن الفتى: السَّقَط وما لا يعتدُّ به من كلام وغيره (١).

﴿أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ انصرفوا عنه ولم يشتغلوا به.

﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ قال القرطبي: أَمْنٌ مِنَّا لكم، وعند الزمخشرى: كلمة توديع ومتاركة لا تحيَّة.

﴿لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ لا نطلب صحبة الجاهدين ولا نريد مخالطتهم ولا جدالهم.

[التفسير]

٥١ - ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾:

قال القرطبي: الآية الكريمة ردٌّ على من قال: هلاَّ أُوتى محمد القرآن جملة واحدة مثل ما أُوتي موسى التوراة كذلك؟

والمعنى: ولقد نزلنا القرآن - وعدًا ووعيدًا وقصصًا وعبرا ونصائح - أنزلناه كذلك متواصلًا متتابعًا وفق ما تقتضيه الحكمة لعلهم يتذكرون ما يجب على كل عاقل من الخضوع للحق متى تبين، والقرآن حق واضح يعرفه كل من نظر فيه وفتح قلبه وعقله، فلو فعلوا لتذكروا وآمنوا.

ولقد ظل القرآن ينزل على الرسول ثلاثة عشر عامًا بمكة يشرح العقيدة ويُعَمِّق الإِيمان في نفس المؤمنين، ويردُّ على شبهات المشركين، وعشر سنوات بالمدينة بعد أن انتقل الرسول إليها وكوّن هناك الدَّولة الإِسلامية الفاضلة التي لم يسمع الزمان بمثلها، وفي المدينة نزلت آيات الأحكام مبينة الدستور الإسلاميَّ للدولة الإِسلامية الأُولى شارحًا أحوال الأُمَّة في السلم والحرب موضِّحًا الآداب الاجتماعية والسلوك السويَّ الذي يجب أن ينهجه المسلمون، ولقد كان القرآن ينزل أحيانًا ردًّا على سؤال أو على شُبَه أهل الكتاب، أو تشريعًا في حادثة فكان ينزل مناسبًا لمقتضى الحال، كما أن النبي أرسله الله أُميًّا، لا يقرأُ ولا يكتب، فلكى ييسر الله حفظه أنزله عليه مفرّقًا ولم ينزله جملة واحدة، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (٣٢) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ (٢).


(١) القاموس ج ٤ ص ٣٨٦
(٢) سورة الفرقان، الآيتان ٢٣: ٣٣.