للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي فضل القرآن وبيان قيمته ومنزلته يقول تعالى:

٥٢ - ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾:

أخبر الله أن بعض الذين أوتوا الكتاب من بني إسرائيل قبل نزول القرآن ومجئ الرسول يؤمنون به وبما نزل عليه من قرآن كعبد الله بن سلام وغيره (١).

قال القرطبي: ويدخل فيه من أسلم من علماء النصارى وهم أربعون رجلًا، قدموا المدينة، منهم اثنان وثلاثون رجلًا من الحبشة مع جعفر بن أبي طالب، وثمانية من الشام وكانوا أئمة النصارى، وأنزل الله فيهم هذه الآية وما بعدها.

٥٣ - ﴿وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾:

هذه الآية استئناف لبيان ما أوجب إيمانهم.

والمعنى: وإذا يُقرَأُ القرآن على أهل الكتاب من اليهود والنصارى قالوا: صدَّقنا بما فيه إنه الحق من ربنا لأن مثله لا يقوله بشر، إنا كنا قبل نزوله أو قبل بعث محمد مؤمنين بأنه سيُبعث وينزل عليه القرآن، فإيمانهم به متقادم العهد لما شاهدوا ذكره فما الكتب المتقدمة، فالمراد بالإِسلام: الانقياد الظاهرى، أي: إنا كنا - قبل نزول القرآن - مُنقادين لأحكام الله - تعالى - الناطق بها كتابه المنزل إلينا، ومنها وجوب الإِيمان به، فنحن مؤمنون به قبل نزوله على الرسول، ونحن عرفنا محمدًا وكتابه قبل نزوله، فإسلامنا سابق على تلاوته.

٥٤ - ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾:

أُولئك الموصوفون بما سبق من النُعُوت يُمْنحون جزاءهم مرتين: مرة على إيمانهم بكتابهم، ومرة على إيمانهم بالقرآن، وذلك بسبب صبرهم وثباتهم على الإيمان بكتابهم، ثم بالقرآن بعد نزوله، أو على الإِيمان بالقرآن قبل النزول وبعده، أو على أذى من هجرهم وعاداهم من أهل دينهم ومن المشركين (٢).


(١) الآلوسي.
(٢) الآلوسي.