للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في دنياهم من الشرك والمعاصي، وأَنه لن يفلت أحد من عقابه. والتعبير بـ (ثُمَّ) للإِيذان بسمو شهادة الله عليهم، وعلوّ مرتبة علمه بهم، فإِنه لا تفوته صغيرة ولا كبيرة، وفي ذلك ما فيه من تأكيد الوعيد.

﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٤٧) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾

[التفسير]

٤٧ - ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ﴾: أَي ولكل أُمة من البشر رسول يبعثه الله إليهم ليهديهم إلى التوحيد، ويدعوهم إلى دين الحق بشريعة خاصة بهم، فيها صلاح معاشهم ومعادهم، وذلك لأَنه سبحانه يعلم قصور العقل البشرى عن إدراك ما فيه صلاح أُمورهم الدنيوية والأُخروية، مع وجود الصوارف النفسية والشهوانية التي جبل عليها الإنسان، وكثيرًا ما تغريهم بالضلال، فلذلك اقتضت حكمته تعالى أَن لا يعذب عباده، قبل أن يبعث إليهم رسولًا ليبصرهم بعواقب الأُمور، كما قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ (١) وقال: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ (٢).

﴿فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾: أي فإذا جاءَ كل أُمة رسولهم مؤيدًا من الله بالمعجزات المثبتة لرسالته، وانقسموا بشأْنه بين مصدق ومكذب قضى الله تعالى بينهم بالحق وهم لا يظلمون بفوت ثواب أَو زيادة عقاب.


(١) سورة الإسراء من الآية: ١٥
(٢) سورة النساء من الآية: ١٦٥