أَي قال الله تعالى يخاطب موسى ﵇ بأُسلوب النداءِ إعظامًا لقدره وإِعلاءً لمكانته: إِنى فضلتك على جميع الناس المعاصرين لك، باختيارك رسولا دون أَحد سواك وآثرتك عليهم بإِنزال التوراة تبيانا لطريق الخير وإرشادا إلى ما يأْتون وما يذرون كما آثرتك بكلامى إِياك من غير واسطة.
﴿فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾:
فتقبل ما أَنعمت به عليك من شرف الرسالة، وارض بنعمة المناجاة وطب نفسًا بجعلك من المصطفين الأَخيار الذين يبلغون رسالات ربهم، واندمج في عداد الشاكرين، بأَداءِ الشكر على تلك النعم بدوام الطاعة والخشوع والإِخلاص لله.
وهارون وإن أَرسله الله مع موسى ردءًا يشد به عضده ويصدقه إِلا أَنه كان مأْمورًا باتباعه، فلم يكن صاحب شريعة خاصة به، ولم يكن كليما لله.
وفي الآية تسلية عظيمة لموسى ﵇ عن عدم إِجابته إِلى الرؤية التي طلبها.
فكأَنه - سبحانه - قال له: إِن مَنَعْتُكَ الرؤيةَ التي طلبتها فقد أَعطيتك نعمًا عظيمة لم يعط مثلها أَحد من أَهل زمانك فاحرص عليها، وثابر على شكرها بدوام العبادة وبذل الجهد في دعوة الناس إِلى شريعة الله.