اشتملت هاتان الآيتان على خمسة أوصاف للنبي ﷺ: ﴿شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ ولقد وصف في التوراة بمثل هذه الصفات وبغيرها من الصفات التي تتجلى فيه ﷺ فقد أخرج الإمام أحمد بسنده عن عطاء بن يسار قال: (لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت: أَخبرني عن صفة رسول الله ﷺ في التوراة، قال: والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ وحرزًا للأُميين، أَنت عبدي ورسولى، سميتك المتوكل لست بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأَسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأَن يقولوا: (لا إلهَ إلاَّ الله، فيفتح به أعينا عميًا وآذانًا صما وقلوبًا غُلفًا).
ورواه البخاري بسنده عنه، وعن عبد الله بن سلام في كتاب البيوع، وروى ابن أَبي حاتم بسنده عن وهب بن منبه الذي كان يهوديًا وأسلم، قال وهب بن منبه:(إن الله أَوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: شعياءُ أَن قم في قومك بني إسرائيل فإنى منطق لسانك بوحى، وأَبعث أُميًّا من الأُميين، أبعثه ليس بفظ ولا غليظ ولا صَخَّابٍ في الأَسواق، لو يمر إلى جنب سراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشي على القصب لم يسمع من تحت قدميه، أَبعثه مبشرًا ونذيرًا، لا يقول الخنا: أَفتح به أَعينًا كُمْهًا (١) وآذانًا صُمًّا وقلوبًا غُلْفًا، أُسدده كل أمر جميل، وأهب له كل خلق كريم، وأَجعل السكوت لباسه،
(١) الكمه - بضم فسكون -: جمع الأكمه وهو الأعمى، والمراد (أعينا عميا).