أصل التحية: أن يقول المرءُ لغيره: حياك الله، أي: جعل لك حياة، ويقال: حيَّا فلان فلانًا تحية إذا قال له حياك الله، ثم جعل كل دعاء عند اللقاء تحية؛ لكونه غير خارج في مضمونه عن طلب الحياة.
والهاءُ في يلقونه ضمير عائد على الله - تعالى - والمراد من لقائه - تعالى - حضور موت العبد، روى عن ابن مسعود أنه قال:"إذا جاءَ ملك الموت لقبض روح المؤمن قال: ربك يقرئك السلام" وقيل: المراد به خروجهم من قبورهم، فيسلم عليهم الملائكة ويبشرونهم بالجنة، وقيل ذلك عند دخولهم الجنة، كما قال تعالى: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ وقيل: إن الذي يحييهم عند دخولهم الجنة هو الله تعالى - إذ يقول:"سلام عليكم عبادى. أنا عنكم راض فهل أنتم عني راضون، فيقولون بأجمعهم: يا ربنا إنا راضون كل الرضا" وروى أن الله - تعالى - يقول:"السلام عليكم، مرحبًا بعبادى المؤمنين الذين أرضونى في دار الدنيا باتباع أمرى".
والآية الكريمة تتسع لكل تلك المعانى، ولا حرج على فضل الله في اجتماعها.
ومعنى الآية: تحية المؤمنين من الله وملائكته يوم يخرجون من دنياهم، ويوم ينشرون ويحشرون لربهم ويوم يدخلون جنة ثوابهم: سلام عليكم، وقد هيأ الله - تعالى - لهم أجرًا عظيمًا لا غاية وراءَه.