ومن العلماءِ من عين الذكر بلفظه، قال مقاتل في تفسيرهما: هو أَن يقول: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) على كل حال، ومنهم من ضبط كثرته مع هذا النص بثلاثين مرة.
وفي مجمع البيان عن الواحدي بسنده إلى ابن عباس قال: جاءَ جبريل ﵇ إلى النبي ﷺ فقال: يا محمَّد قل: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاَّ الله والله أَكبر ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلى العظيم عددَ ما عَلم ورِنةَ ما عَلِم وملءَ ما عَلِم، فإِنه من قالها كتب له ست خصال، كتب من الذاكرين الله تعالى كثيرًا … " إلى آخر الحديث.
ومعنى الآيتين: يا أَيها الذين صدقوا بالله ورسوله اذكروا الله بأَسمائه الحسنى وصفاته بألسنتكم سرًّا وجهرًا وبقلوبكم ذكرًا كثيرًا، ونزهوه سبحانه - عما لا يليق به أَول النهار وآخره، أَطهارًا ومحدثين، فإن ذلك أَفضل الزاد إلى المعاد، وتخصيص البكرة والأَصيل بالذكر ليس لقَصْر الذكر والتسبيح عليهما دون سائر الأوقات، بل لفضلهما لكونهما تحضرهما ملائكة الليل وملائكة النهار وتلتقى فيهما.
والتسبيح نوع من الذكر، وإفراده من بين الأذكار لكونه عمدة في ذكر الله - تعالى - فما لم ينزه الله - تعالى - عما لا يليق به لا يتحقق ذكر الله تعالى.
هذه الآية استئناف في مقام التعليل للأمرين قبلها، والصلاة من الله على عباده المؤمنين رحمته لهم وبركاته عليهم، وصلاة الملائكة دعاؤهم للمؤمنين واستغفارهم لهم، كما قال - سبحانه - في شأْنهم: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ ومن مؤمنى الإنس والجن دعاءٌ، قاله ابن عباس ﵄.
والمعنى: الله هو الذي يصلى عليكم أيها المؤمنون فيرحمكم ويغدق نعمه وبركاته وفتوحاته عليكم، كما يصلى عليكم ويستغفر لكم ملائكته عناية بكم وإكرامًا لكم، لكي يخرجكم بذلك من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن ظلمات الكفر والعصيان إلى نور الإيمان والطاعة، وكان الله بالمؤمنين رحيمًا، حيث صلى الله عليهم، وكلف بالصلاة ملائكته المقربين.