أنكر الله عليهم في الآيات السابقة زعمهم أَن الملائكة بنات الله، وبيَّن أنه منزه عن الولد مطلقا وأَنه لو يؤاخذ الناس بما كسبوا من السيئات لعاقبهم بعقوبات تعُمُّهُمْ وغيرهم بشؤم ظلمهم، ولكنه - تعالى - عظيم الحلم شامل الرحمة، فيؤخرهم إِلى وقتٍ سمَّاه لموتهم لا يتقدمون عنه ولا يتأخرون، لعلهم يعودون إِلى الرشد، ويدركهم الهدى.
وجاءت هذه الآية لتوبيخهم مرة أخرى على ما زعموه في حقه - تعالى - وما ادعوه لأنفسهم من العاقبة الحسنى، ولإنذارهم بسوء المصير على مزاعمهم وعقائدهم.
والمعنى: وينسبون لله البنات التي يكرهونها لأنفسهم، ومع هذه الجريمة الشنعاء في حق الله تقول ألسنتهم الكذب وتصفه وتصوره حين تزعم أن لهم العاقبة الحسنى - ثم عقب الله زعمهم هذا بالوعيد عليه فقال:
﴿لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾: أي لا بد ولا محالة من أَن لهم النار مكان ما زعموه لأنفسهم من أن لهم العاقبة الحسنى. ولا بد أنهم منسيون فيها متروكون في سعيرها لا يخرجون منها ولا يبرحونها.
ثم عقب الله هذه الآية بتسلية النبي ﷺ على ما يلاقيه من قومه من أَلوان الكفر والضلال، بأن ما يحدث له منهم حدث مثلُه للرسل قبله من أممهم، وذلك بقوله تعالى:
أَي والله لقد بعثنا رسلنا إِلى أُمم من قبلك أيها الرسول، فحدث منهم لرسلهم مثل ما حدث من قومك لك، حيث زين لهم الشيطان ما هم عليه من أَعمالهم القبيحة من الكفر والمعاصي،