فظلُّوا مصرِّين عليها، فهو متولى إِغوائهم اليوم أَي في العصر الذي كانوا يعيشون فيه، ولهم في الآخرة عذاب شديد الإِيلام، ولا يجدون فيها من ينقذهم أو يخفف عنهم، ويجوز أن يكون المقصود باليوم يوم القيامة، والولاية بمعنى النصرة على سبيل التهكم.
والمعنى: فالشيطان الذي أغواهم وزيَّن لهم أعمالهم ناصرهم يوم القيامة، ومن كان الشيطان ناصره يومئذ فهو خالد في العذاب مثله؛ لأنه مذنب ومعاقب وفاقد لأسباب النصرة، ولهذا ختم الله الآية بقوله: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
وأعاد بعض المفسرين الضمير إلى مشركي قريش، والمعنى: ولقد أرسلنا رسلنا إلى أمم من قبلك فزين الشيطان لهم أعمالهم فصدهم عن السبيل فهو ولي مشركي قريش اليوم كما كان ولي مَنْ قبلهم في أَيامهم، فإنهم مثلهم في ضلالهم ولهم في الآخرة عذاب أليم كما كان لمن قبلهم، ثم بيّن أثر القرآن في تبيين الحق من الباطل فقال:
أي وما أنزلنا عليك القرآن أيها الرسول لسبب من الأسباب إِلا لتبين للناس ما اختلفوا فيه من التوحيد واليوم العظيم الذي هم فيه مختلفون، كما تبين لهما النافع والضار من الأخلاق، والحلال والحرام من الأعمال، وأَنزلناه أيضا للهدى والرحمة لقوم يؤمنون، فإنهم المنتفعون بعلومه. المهتدون بهداه، ويصح أن يراد منهم المستعدون للإيمان المهيئون له بما آتاهم الله من حسن النظر في آياته، فكأنه قال: وهدى ورحمة لقوم شأنهم أنهم يصدقون الحقَّ ويؤمنون به، بما جُبِلُوا عليه من البحث عن الحق والاهتداء إليه بآياته، والبعد عن الجدال بالباطل، ثم شرع الله في ذكر طائفة من آياته العظيمة الشأن فقال: