الذي ذهب إِليه الجمهور، أَنه إسماعيل بن إبراهيم ﵉، وهو الحق، وفصل ذكره عن ذكر أبيه وأَخيه، بذكر موسى ﵈، لإِبراز، كمال العناية بأمره ثناء عليه بأشرف الخلال التي أَشار إليها قوله سبحانه: ﴿إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ﴾.
وهذه الجملة تعليل لإيجاب الأمر بذكره في الكتاب، ووصف ﵇ بأنه كان صادق الوعد لكمال شهرته به ببلوغه درجة من الوفاء لم تعهد من غيره، ولا أدلّ على ذلك من أنه وَعَدَ بالصبر على الذبح بقوله: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ (١). فوفّى وصدق، وقيل لم يَعِدْ ربه موعدًا إلاَّ أَنجزه وإنما خصه الله بالوعد الصادق، وإن كان ذلك موجودًا في غيره من الأنبياء تشريفًا له وإشارة إِلى أَنه بلغ فيه الغاية العظمى.
﴿وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾: أي كان رسولًا إلى قبيلة جرهم على شريعة أَبيه إِبراهيم ﵉، فإن أولاد إِبراهيم جميعًا كانوا على شريعته. وكان ﴿نَبِيًّا﴾ يخبرهم بتلك الشريعة مع تبشير الطائعين وإنذار المفرطين، والجمع لإسماعيل بين وصفى الرسالة والنبوة إشارة إِلى عظيم مكانته عند الله، وقد دلت الآية على أَنه لا يشترط في الرسول أن يكون صاحب رسالة خاصة وشريعة مستقلة، فقد بعث إسماعيل بشريعة أبيه إبراهيم إِلى جرهم، ولعل ذلك بسبب معاصرته لأبيه إبراهيم، وأن إِبراهيم لم يكن رسولًا مباشرا لجُرْهم والله أعلم.