ظاهر الآيتين يدل على أن الله تعالى كان قد أخبر نبيه ﷺ بعذاب يصيب قومه إن أصروا على كفرهم، ولم يخبره بوقت نزوله، فلهذا طلب نجاته منه إن حصل لهم في حياته، وهكذا فهم الحسن، فقد روى أنه قال: أخبر الله نبيه ﷺ بأن له في أمته نِقْمَةً، ولم يطلعه على وقتها، أهو في حياته أم بعدها، فأمره بهذا الدعاء:
والمعنى: وقل - أيها النبي -: يا رب إن كان لابد أن ترينى ما أوعدت قومى به من العذاب المستأْصل إن بقوا على كفرهم، يا رب فلا تجعلنى بين هؤلاء الظالمين حين ينزل عقابك.
ونداءُ النبي لله بوصف الربوبية، للإيذان بأنه تعالى هو المالك النظر في مصالح العباد، الموعود، وكونه بحيث يستعيذ منه من لا يكاد يمكن أن ينزل به، وهو متضمن تأكيد وقوع العذاب الموعود الذي أنكروه وسخروا منه واستعجلوه، وهذا الوعد مشروط ببقائهم على كفرهم.
وقيل: أنه ﷺ أمر بذلك هضمًا لنفسه وإظهارًا لكمال العبودية؟ أو لأن شؤم الكفرة قد يحيق بغيرهم، كما قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ والتعبير بقوله: ﴿فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ بدلًا من أن يقول: فلا تجعلنى فيهم، للإيذان بأن ظلمهم هو السبب في وعيدهم بالعذاب، وتكرار لفظ (رب) لمزيد الضراعة والاستنجاد بمن بيدة الأمر كله.
أي: وإنا على تمكينك من رؤية عذابهم الموعود لقادرون، كما قدرنا على مثله فيمن سبقهم من المعاندين لرسلهم.
وهذة الآية تشير إلى أن التعجيل بالعذاب ليس من الحكمة التي تقترن بها أفعال الله تعالى فلقد علم سبحانه أزلًا أن معظمهم سوف يؤمن، فلهذا تأنى بهم ولم يتعجل بعقوبتهم.